Google http://yoursite.com; AWFID:0ed5b59d9c9a0ed3;">

الأحد، 20 يوليو 2008

العرب لن ينقذوا البشير

يعقد وزراء الخارجية العرب اجتماعاً طارئاً اليوم بناء عل دعوة من السودان، لبحث طلب المدعي العام في المحكمة الجنائية الدولية باعتقال الرئيس السوداني عمر البشير بتهمة ارتكابه جرائم ضد الانسانية في دارفور. السيد عمرو موس امين عام الجامعة العربية، الذي سيترأس هذا الاجتماع، قال ان القادة العــــرب لن يتخـــلوا عن الرئيس السوداني، ولكنه لم يقل لــنا كيف سيساعد هـــؤلاء زميلاً لهــــم ربما يتعـــرض للخـــطف، ومن ثم الأسر، في أي لحظة يغادر بها بلاده، تماماً مثلما تعرض الوزير السابق محمد هارون المطلوب بالتهم نفسها، لمحاولة خطف فاشلة قبل أشهر.
نستطيع ان نقول، وبكل ثقة، وبناء عل تجارب سابقة، ان هؤلاء الزعماء لن يفعلوا للرئيس السوداني اي شي، هذا اذا لم يتآمروا مع الولايات المتحدة، ورئيسها لتسهيل عملية اعتقاله وتسليمه في حال اقرار المحكمة المذكورة لطلب المدعي العام، وأخذها بقرائنه والوثائق المقدمة من جانبه لتأكيد اتهاماته، فارضاء أمريكا يتقدم على الكثير من القيم الأخلاقية عند هؤلاء.الرئيس الأمريكي لم يقل كلمته بعد بشأن هذه المسألة، وقال انه ينتظر ردود الفعل عل طلب الاعتقال، وهذا ما شجع بعض الحكومات العربية عل اصدار بيانات الإدانة والرفض، من اجل اظهار تضامنها مع الرئيس السوداني، وقبل ان يغير الرئيس الامريكي رأيه ويتخذ موقفاً مؤيداً للطلب المذكور.الأمة العربية تتلاش وتتحلل، بعد ان تحولت ال جثة شبه هامدة بسبب زعمائها الحاليين، لأن هؤلاء يتعمدون إذلالها والحاق اكبر قدر من الاهانات بها باستسلامهم الكامل للاملاءات الامريكية والاسرائيلية، ولولا وجود بعض البؤر المضيئة المتمثلة في حركات المقاومة في العراق ولبنان وفلسطين لفتحنا السرادقات لتقبل العزاء فيها.نحن كعرب نملك كل أسباب القوة والتأثير ولكن زعماءنا لا يريدون استخدامها او توظيفها فيما يخدم هذه الأمة وقضاياها، ويركعون صاغرين امام السيدة كوندوليزا رايس طلباً لرضاها، ناهيك عن رئيسها جورج بوش الإبن ونائبه ديك تشيني.ثلاثة مليارات دولار تدخل جيوب الحكام العرب يومياً كعوائد نفط وغاز، ومع ذلك ما زلنا نحتل مرتبة متدنية بين جميع الأمم في الصحة والتعليم والمواصلات، ولا نملك جيشاً واحداً نستطيع ان نفتخر به وبأسلحته وانضباط جنوده وضباطه. ونحن هنا لا نتحدث عن الديموقراطية والحريات واحترام حقوق الانسان.الغالبية الساحقة من المواطنين العرب يعيشون عل اقل من دولارين في اليوم، وتفتك بهم الأمراض والبطالة والفساد، ومن يجرؤ عل الشكو والاحتجاج فإن مصيره الاعتقال والتعذيب، وتلفيق تهم قد تبقيه في السجون ما تبق من عمره.كنا نقول ان اسرائيل تحكم العالم من خلال المال وتحكّم اليهود الداعمين لها بالاقتصاد العالمي، ها نحن نملك من الأموال السهلة اضعاف ما يملكه اليهود، فماذا نحن فاعلون بها، هل طورنا صناعة عسكرية، حديثة، او برامج نووية تحقق لنا التوازن مع اسرائيل وايران، هل بنينا مستشفيات وجامعات عصرية محترمة ومتطورة؟ ثم أين تأثيرنا في السياسات الدولية؟ صفر وللأسف الشديد.سنقف ال جانب الرئيس البشير ليس لأنه بالضرورة بريء وانما لأن المحكمة انتقائية، وأولوياتها مقلوبة. ولأن بلاده مستهدفة، ولأنه هو شخصياً مستهدف لأنه شق عصا الطاعة عل الولايات المتحدة وعارض بقوة غزوها للعراق، وليس بسبب ملف دارفور، تماماً مثلما جر استهداف الرئيس العراقي السابق صدام حسين لأنه فعل الشيء نفسه، وأراد تطوير صناعة عسكرية تحقق التوازن الاستراتيجي مع اسرائيل وايران، وهو التوازن الذي يتباك الزعماء العرب عل غيابه خاصة مع ايران.لا نعرف ماذا سيبحث وزراء الخارجية العرب في اجتماعهم اليوم، ولكننا نعرف مسبقاً مفردات البيان الذي سيصدرونه، فهو البيان نفسه الذي اصدروه عندما فرضت امريكا الحصار عل ليبيا، وبعدها عل الأراضي الفلسطينية المحتلة، ولكنهم لم يجرؤوا حت عل اصدار مثله اثناء غزو العراق واحتلاله الذي شارك معظمهم فيه، وفتحوا قواعدهم واراضيهم، وما زالوا، للقوات الأمريكية لكي تطيح بنظامه.الزعماء العرب لم ينتصروا لرئيس عربي اعتقل وأهين، وأعدم بعد محاكمة هزلية، ولم يحركوا ساكناً عندما قطعت اسرائيل الدواء والغذاء والوقود عن مليون ونصف المليون عربي في قطاع غزة، ولم يجرؤوا حتى عل الاتصال هاتفياً بزميل آخر لهم هو الرئيس الفلسطيني الشهيد ياسر عرفات، يمثل شعباً مقاوما، ورفض كل الضغوط والمغريات الامريكية للتنازل عن المقدسات المسيحية والاسلامية في القدس المحتلة.فهذا التاريخ غير المشرف للغالبية الساحقة من هؤلاء لا يجعلنا نتفاءل بأنهم سيفعلون شيئاً للرئيس البشير اذا ما واجه مصير عرفات وصدام حسين، ولذلك نتمن عل الرئيس السوداني ان لا يطلب العون من هؤلاء، وان يطالب وزير خارجيته بالانسحاب من اجتماع وزراء الخارجية العرب حت يكشف عورات الجميع دون استثناء.واذا رفض وزير الخارجية السوداني نصيحتنا هذه وهو قطعاً سيرفضها لأنه لم يتشاور مع أحد حول كيفية التعامل مع ملف التمرد في دارفور، وقرر المشاركة في الاجتماع، فإننا نقترح عليه ان يمتحن معدن الزعماء العرب، بمطالبتهم بالتقدم ال المحكمة نفسها بطلب اعتقال كل من جورج بوش وتوني بلير وايهود اولمرت بتهم ارتكاب جرائم في حق الانسانية، وتشكيل لجنة من وزراء خارجية المملكة العربية السعودية ومصر والأردن تكون مسؤولة عن التقدم بالطلب المذكور نفسه، وجمع الأدلة والوثائق التي تدين هؤلاء. واذا كانوا يخشون الاقتراب من بوش فليبدأوا بأولمرت او بلير الذي تحول من مجرم حرب الى صانع سلام تفرش له الحكومات العربية السجاد الأحمر.فليس من الصعوبة ايجاد الأدلة التي تدين بوش وبلير، فجرائمهما مستمرة أمام اعيننا في العراق. اما اولمرت ومن قبله شارون فإن شهادات الأمم المتحدة ومبعوثيها، وآخرهم القس الجنوب افريقي ديزموند توتو حول مجازر اسرائيل في قطاع غزة ولبنان موثقة وسهلة المنال.عندما نر قراراً بتشكيل هذه اللجنة، ومن وزراء الدول الثلاث حليفة واشنطن، ومحور ارتكاز 'حلف الاعتدال' العربي نستطيع ان نقول للرئيس البشير اطمئن، فخلفك أمة عريقة لا تقبل بإهانة زعمائها، ولكنهم لن يشكلوا هذه اللجنة، بل لن يتجرأوا عل الهمس بها، ولهذا ننصح الرئيس السوداني بالصلاة لكي يرفض قضاة المحكمة المذكورة قرار المدعي العام، وان لم يرفضوا فهناك الكثير الذي يمكن قوله في حينه. عبد الباري عطوان

ليست هناك تعليقات: