Google http://yoursite.com; AWFID:0ed5b59d9c9a0ed3;">

الاثنين، 9 يونيو 2008

الديموقراطية الامريكية


المأساة مازالت متواصلة في العراق كما في فلسطين، والمتسبب في المأساة مازال ماثلا.. امام عدالة قد تأتي من التاريخ وقد لا تأتي... صور تمتد بشاعتها الى كامل تراب العراق... والى كل جسد الأمة المخدّر... صور عار وهزيمة الظلم، الذي لم يجد من ردّ على افلاسه سوى الاعتداء على كرامة البشر وعلى انسانية الانسان في العراق... المأساة تتجاوز سجن «أبو غريب» لتطال كل العراق... عراق خطوط الطول وعراق خطوط العرض.. منذ ان ساق الجلادون طائراتهم وقنابلهم المحرّمة واسلحتهم الفتّاكة، من مراكز التدريب وقواعد عساكرهم التي «استوطنوا» بها اوروبا وآسيا، نحو العراق الذي حاول ان يبني انسانا عربيا جديدا، يحاكي بني البشر في امم العلماء والباحثين والمجددين... يومها بدأ مسلسل «صور العار».. تلك التي صوّرت لنا ولأكثر من عشرية ضحايا اليورانيوم المنضّب في العراق وضحايا الحصار المفروض على هذا البلد الذي آثر اشقاؤه اقعاده قبل ان يقعده الاحتلال... ثم تحلل الجميع من دمه...ما هذا «الجندي» اللئيم الذي يطالعنا بكل صفاقة يروي شهادته في شكل «بطولة» ويعلن انه فعلا قتل مدنيين في العراق... بل وقتل منهم المئات... ما هذا «الجندي» المتهوّر الذي لا يملك من الجندية سوى القتل وخرق القوانين وممارسة فن الاحتلال؟من ذا الذي سيقتص للمعذبين في العراق... في كامل العراق الذي تحوّل الى سجن كبير، لا يخضع سجّانوه الى محاسبة ولا الى محاكمة... لأن قيادته السياسية هيأت له الغطاء القانوني الذي يبعد عنه شبح المقاضاة..عن هذه الصور، وعن ممارسات الاحتلال في الماضي والحاضر وعن الموقف العربي الذي نسي «محطة الوصول» فلم يأت ولم يظهر له طالع، تحدّث لـ «الشروق» رجل الشرق العسكري الحقيقي... الفريق سعد الدين الشاذلي، بطل العبور في مخيالنا الشعبي وجندي الشرف وقائد العزة يوم عزّت مثل تلك المفاهيم... تحدّث عن الصور فهوّن عليّ المصيبة... فالرجل لم يتفاجأ بما حصل، لأنه من طبيعة الجندي الامريكي بحدّ ذاته... يقول الفريق سعد الدين الشاذلي ان مفهوم الحرب في العالم تغيّر وفقد معايير الحرب ومتطلباتها واستحقاقاتها يوم دخلت القوة الامريكية الحروب في العالم... فذكّر الشاذلي «بناغازاكي» و»هيروشيما» ولم ير في هذين الحدثين ما يمكن ان يرتبط بشرف المهنة العسكرية، وتحدّث عن الحرب الكورية حين قتلت الآلة الامريكية وعشوائيا عبر الجوّ، الآلاف دون ان ينسى محدثي الذي بيّن مرة أخرى انه راصد جيّد ومتابع غير عادي وقارئ خارق لكل الأحداث التي نرى ونشهد، اذن لم ينس الفريق سعد الدين الشاذلي حرب فيتنام وعقّب فربط الاحداث ببعضها البعض بين ما وقع في 1991 من حرب ضروس ولا أخلاقية ضد العراق، وما يقع الآن في سجن «أبو غريب» الذي يراه «ابو العسكرية» العربية ممتدّا الى كامل العراق، لان ما يحصل في العراق احتلال وما يتعرض له شعب العراق جريمة حرب..هو متابع ومشاكس بالفكرة ايضا.. يقارع الحدث بالحدث، وفي مجال ما حدث في «أبوغريب» وسبل العقاب وكيف سيتصرف الامريكيون الآن تجاه ما حدث، ذكّر بأن دخول القوات العراقية الى الكويت سنة 1990، والذي كان غزوا عسكريا تطاول فيه جنود عراقيون على منازل كويتية، ولما تناهى الامر الى القيادة العراقية اعدمت في ساحة عامة اربعة عسكريين وكان ان اتانا بالنبإ الصحيح مواطن غربي (أمريكي) صوّر الوقائع واتى بالدليل مثلما فعلت «سي.بي.آس» مع جريمة ««أبوغريب»... لذا يقول الشاذلي: الاعتذار الامريكي لا يكفي..
**الفريق سعد الدين الشاذلي، الخبير في شؤون القتال، سأسأل فيك الخبير في قواعد الحرب والجندية: ما حدث في سجن أبو غريب هو بكل المقاييس فظيع... لكن الحديث بدأ الآن عن حصر الجريمة في «كمشة» من المارقين حتى يخرج الاحتلال، مرة أخرى بلا حساب وبلا عقاب. كيف ترى المسألة وكيف تفسّر هذه المأساة التي تجعل من القوي اكثر قوة والضعيف اشدّ ضعفا، والقانون تحت سقف العدل والانسانية؟ـ ليس هناك اختلاف في ان ما حصل في العراق من تعذيب واعتداءات على المساجين، هو فظيع بل ان المأساة لا تقف عند عمليات التعذيب والقتل تحت التعذيب ومسّ كرامة الانسان المعتقل، بل تعدّته الى ان اضحت تصوّر الاعتداء العلني على القانون، وكذلك الوضع المشين الذي تردّت فيه امريكا وما ترفعه من شعارات حول حقوق الانسان وتحرير الانسان.. الذي اريد ان اقوله مما سمعته من بوش ورامسفيلد هو ان الاعتذار لا يكفي، بل يجب ان يقترن الاعتذار بأفعال وتوقيع على امر رادع. فالذي حصل وما نحصل عليه الآن من معلومات حول عمليات الاهانة والتعذيب في سجن «أبوغريب» لا يمكن ان يكون عملا فرديا او عملا معزولا... فلما تتكرّر عمليات التعذيب وتنتشر ممارسات التعذيب في كامل السجن الذي يضمّ اكثر من عشرة آلاف معتقل لا تبقى ممارسات معزولة بل تصبح القضية منهجية ومخططا لها.لقد شهدنا الضابطة البريطانية التي لم يكفها سجن المعتقل وتعذيبه، بل هي جعلت في رقبته حبلا يطوّقه كما «الكلب» واخذت صورة وهي تجرّه في حركة لا تمارس الا مع الحيوانات! لقد رأينا ذاك الفضاء الداخلي الشاسع للسجن الذي صوّر الجندية وهي تعتدي على كرامة السجين العراقي... رأينا ايضا ثلاثة يباشرون التعذيب الأقصى مع معتقل... فهذه لا يمكن ان تكون اعمالا سرية او معزولة... فلو شارك في هذه العمليات التي تناهت صورها وصيتها الى انظارنا ومسامعنا مائة عسكري فهذا يعني انهم يهيمنون على السجن كله... لا يمكن ان تعتبر تلك ممارسات فردية بل هي منهجية ولها قائد مسؤول عن جنوده الذين يقومون بتلك الاعمال، ومادامت القيامة قامت على تلك الصور وبتلك الهزّة التي شهدناه على الشاشات في الشارع الامريكي والبريطاني وفي المؤسسات التشريعية لكلا البلدين اللذين يحتلان العراق... فهذا يعني ان ما خفي كان اعظم وبالتالي نتأكد مرة أخرى ان ما حصل في «أبوغريب» وما يحصل في كامل العراق على ايدي الاحتلال ليس عملا معزولا... ثم انه وفي هذه العملية التي تمت في سجن «أبوغريب» يكون السجّان مسؤولا مسؤولية جنائىة... ثم هناك اشخاص في المخابرات وهي سلطة اعلى من سلطة السجن، وبالتالي مسؤوليتهم متأكدة... والذي يجب ان نستقرئه من هذا الوضع ووفق هذه المنهجية، فإن هؤلاء المسؤولون موافقون على العمليات التي حصلت بالسجن... صحيح ان البنتاغون اراد ان يغطي على الامر، لأنه انكشف امره، فهو كان يعلم بالاحداث ويحقق فيها او هو يحقق في كيفية اخفائها الى ان جاءت «سي.بي.آس» لتقول انهم (المسؤولون السياسيون اي وزارة الدفاع) كانوا يعلمون بأمر الممارسات ورأوا الصور منذ جانفي الماضي... اذن نسأل: اين كان المسؤولون كل هذه المدة؟ ان الإدارة الامريكية لم تكن تتخيل ان العملية ستصل تفاصيلها للصحافة.**اذن هذا الاعتذار وهذا التظاهر بالصدمة التي رأيناها على وجوه مسؤولين امريكيين كبار، لم تكن من حيث المبدإ بل أن الصور وصلت الى الرأي العام العالمي؟ـ كان المسؤولون العسكريون والسياسيون الامريكيون يريدون اخفاء الحقائق بأي ثمن... حتى وصل بأحدهم (الجنرال مايرز) الى الاقرار بأنه طلب من الصحافة عدم نشر الصور التي رأينا... وهذه اخطاء اخرى فيها فضيحة.. اذن مجرد طلب السلطة العسكرية من الصحف ووسائل الاعلام حجب الحقيقة عن الرأي العام تعد في امريكا اخطاء فظيعة.**انت رجل عسكري ميداني وتكوينك وممارستك للمهنة العسكرية الميدانية او الاكاديمية كانت دوما من خندق الدفاع. لكن يحصل ان يقرّ التاريخ بفظاعات مماثلة مارسها الاحتلال في الجزائر وفي تونس وفي كل بقاع الدنيا التي خضعت بقوة السلاح للاحتلال العسكري... الفرق فقط ان فظاعات الماضي وصلتنا شفاهيا، واليوم هناك وثائق مصوّرة للصوت وللصورة؟ـ اولا، اريد ان اؤكد ان ما رأيناه او ما امكن لنا ان نراه من صور عن وحشية التعذيب والاعتداء على السجناء العراقيين على ايدي الجنود الامريكان والبريطانيين، هو امر مقزّز وفظيع... لكن بالنسبة للاحتلال، اقول انه يمكن ان يرتكب الجنود بعض الاخطاء لكن المسؤولية تقع على الدولة عندما تعلم هذه الدولة عبر تسلسل مسؤوليها العسكريين والسياسيين، بالامر. اذن ما ان تعلم الدولة المعنية بجنودها الذين اجرموا في حق المعتقلين ولا تتصرف ولا تردّ الفعل، يترتب عن ذلك مسؤولية جنائىة عليها.سأعطيك مثالا حدث في الكويت على ايدي جنود عراقيين، هم في الحقيقة نزر قليل، سرقوا مجوهرات عندما داهموا منازل فخمة كانت مهجورة، وعندما تناهى الامر الى القيادة العراقية، اي صدام حسين الذي ينتقدونه الآن بمناسبة وبلا مناسبة، وقعت محاكمة الجنود العراقيية الاربعة واعدموا في ميدان عام في الكويت... وبما ان الامريكان ليس من مصلحتهم الاعلان عن هذا الامر، فلم تكن وسائل الاعلام معنية بصور جاءت من نظام صدّام تصوّر القصاص والمحاكمة، كان هناك صحفي امريكي انجز شريطا مصوّرا لكل هذه الوقائع ووصلت للعالم عن طريقه. وهذا يعني ان القيادة العراقية ايام صدام كانت حاسمة ولم يبق الآن امام هذا الشاهد، الا انتظار ما ستفعله القيادة الامريكية تحت امرة بوش الابن!لقد تفاقمت مسؤولية الإدارة الأمريكية، لان الاحداث تعود الى اكتوبر وديسمبر الماضيين.. ورغم هذا لم يحققوا في الامر بل حاولوا اخفاء الحقائق.**بدأت الروائح الكريهة للجريمة، عندما بعثت احدى المعتقلات العراقيات برسالة تناشد فيها المقاومة العراقية لكي تنسف السجن بمن فيه، لأن العراقيات السجينات بطونهن ملأى بنتائج الاعتداءات والاغتصاب..!ـ هذه فظاعة.. وهي امور غير مسبوقة مهما قرأنا التاريخ... هذه وحشية لم نر لها مثيلا.. ان مسؤولية الدولة الامريكية متأكدة من كل ما يجري.. ويجب ان نعود الى قانون 1998 الامريكي، والذي ابرمت وفقه واشنطن معاهدات ثنائىة فيما بعد تمنع تقديم جنودها للمحاكمة امام محكمة الجزاء الدولية ويمنع القانون تقديم جنود امريكان الى اي صنف من اصناف المحاكم التي يمكن ان تبتّ او يمكنها اختصاصها من محاكمة مجرمي الحرب... ورفضت امريكا توقيع المعاهدة... لو كان الجنود الامريكان الذين اقترفوا الجرائم في العراق سواء في سجن «أبوغريب» او في كامل العراق الذي حوّلوه كمحتلين الى سجن، لو كانوا على يقين انهم سيخضعون للعقاب الجزائي اذا هم اقترفوا الجرم، لما اتوه اصلا... لكن الجندي الامريكي يمارس كل هذه الفظاعات التي رأينا والتي لم تبلغنا بعد، وهو مطمئن لأن هناك قانونا اوجدته القيادة السياسية لتحميه مهما فعل ومهما كان مستوى جرائمه ضد الانسان العراقي...الجنود الامريكيون مارسوا «الموبقات» وهم مطمئنون... لأنهم لن يقفوا امام محكمة دولية! فلو كان هؤلاء الجنود سيخضعون الى رادع، لما اقدموا على ما اقدموا عليه بكل سادية وفظاعة...كما ان الرئيس الامريكي يعتبر مسؤولا عن تلك الجرائم لأنه علم بها.**هل تعتقد سيدي، ان الدول التي امضت اتفاقية ثنائية مع امريكا تمتنع وفقها عن تقديم جنود امريكان الى المحاكمة بتهمة مجرمي حرب، هم الآن نادمون؟ـ والله... ان الدول التي امضت معاهدات ثنائية مع امريكا في الصدد، تستأهل ما يمكن ان يحصل لها... انا لا ألوم على الامريكان هنا بل على الطرف الذي امضى معهم المعاهدة.**رغم هذا، فالعصر عصر القوة الآن وهذا يعني انه حتى ان لم تكن هناك اتفاقيات مع امريكا تقي الجندي الامريكي في المحاسبة، فمن ذا الذي يقدر على محاكمة الولايات المتحدة الامريكية حتى وان ثبتت جرائم ضد الانسانية ارتكبتها قواتها المسلحة... العالم اليوم عالم القرن الواحد، لكن أليس هناك امكانية على الاقل لفضح هذه الممارسات مع تسجيلها في ذاكرة الانسانية لتقع المحاسبة ولو بعد حين؟ـ العملية هي عملية اخلاقية، كمبدإ عام، اذا ارتكب فرد (عسكري) جريمة وقتل انسانا او مجموعة ومارس المسؤولية فرديا تبقى المسألة فردية الى ان يعلم رئىسه او قائده. واذا لم يتصرف هذا القائد ضده، فإنه يصبح بدوره (القائد) تحت المسؤولية الجنائية اي المجرم وقائده الرأي العام العالمي كله الآن ضد امريكا... والرأي العام الأمريكي ضد إدارة بوش... والمسؤولون الامريكيون خائفون الآن من ان يحصل انتقام ويطبّق على الجنود الامريكيين الذين يقعون في ايدي القاعدة مثلا، ما وقع للعراقيين. اذن عندما يعلم الامريكان ان العمل الذي يقترفونه يمكن ان يُردّ عليهم بخسائر عبر الانتقام فإن الامر يصبح مختلفا.من جهتي ادعو من هنا السبعين دولة التي وقّعت اتفاقيات ثنائىة مع واشنطن بخصوص اعفاء الجنود الامريكان من المحاكمة داخل تلك الدول ان تنسحب من المعاهدة. لان ذاك الامر هو ايضا مشجّع للامريكان على افعالهم.**هل أسألك عن رأيك في النظام الرسمي العربي الذي سجل حضوره بالغياب في هذه المسألة؟ـ الكل يخاف امريكا الآن. فهي القوة الاقوى و»مفترية» (فيها معنى الظلم باللهجة المصرية) لكن امريكا مهزوزة ايضا... من جهة اخرى نسجل ان الرأي العام الامريكي هو اشدّ معارضة لأمريكا من اي بلد عربي.. وحتى الانتقادات التي سمعنا، فهي خجولة وليست قوية... لقد سبق الرأي العام الامريكي والبريطاني جل الأنظمة العربية.**هل تجد أمريكا من يصدّقها بعد الآن، وهي التي تحاسب مليار مسلم على فعل افراد، في حين ان المؤسسة السياسية والعسكرية في واشنطن مورطة في جريمة ضدالانسانية في العراق؟ـ لا احد يصدّق امريكا مهما قالت او فعلت.. كما ان لا احد يصدقها بأن تصرفات سجن «أبوغريب» هي تصرفات فردية... لقد طالب الامريكيون انفسهم باستقالة رامسفيلد، وهذا يعني ان الحيلة لم تنطل وان الجريمة لم تكن فردية.النقطة التي كانت امريكا وبأريحية مطلقة تلصقها بالمسلمين اضحت الآن هي مالكتها... لقد اسقط ما في ايدي امريكا، بعد ان شهد شاهد من اهلها. الشهادة جاءت في قلب امريكا نفسها، وقد اقرّت الشهادة بأن ما فعله الجنود الامريكيون في العراق يتعارض مع كل قيم الانسانية وشروط الحرب وحتى استحقاقات و»ضوابط» الاحتلال.والسائل سيسألهم (الامريكان): كيف تحاسبون افغانستان والعراق عن احداث 11 سبتمبر وتقولون انهم ارهابيون. ها انتم الآن تكشفون بأنفسكم بأن ما وقع من فظاعات في حق المعتقلين العراقيين ليس عملا معزولا ولا هو فردي والدليل على ذلك انكم اقررتم انكم على علم منذ أشهر بفظاعات «أبوغريب».**في الحقيقة، تعدّ نقطة الانطلاق في هذا الموضوع الاحتلال، ففي كل الازمنة لا يمكن انتظار اقل من تلك الفظاعات ضد الانسانية من كل احتلال، وهذا مبدأ عام ينطوي على حقيقة. فالممارسات هي نفسها وانتفاء الواعز الاخلاقي هو نفسه عبر كل اصناف الاحتلال وبمراحل عديدة من التاريخ، فهل ترى الأمر في هذه الزاوية، خاصة اذا تذكّرنا ما فعلته اسرائىل مثلا بالجنود المصريين الذين دفنتهم احياء؟ـ نحن نسمع وايضا نفترض عن حق ان الاسرائىليين يؤتون افعالا هي جرائم ضد الانسانية. ولكن لم يجر اي تحقيق في البحث عن هذه العملية لأننا نعلم مسبقا ان لا وثائق ولا ادلة مثبتة مثلما هو عليه الامر الآن مع الامريكيين في العراق.ما دامت الوثائق تنقصك في مثل هذه القضايا فكأنك تحرث في البحر. لكن عملية «أبوغريب» هناك فيديو وصور وشهادات عن هذه الفظاعات واثباتها كان سهلا..**هناك من يرى، استاذ، ان الفظاعات وجرائم الاحتلال بدأت من الامريكان تجاه شعب العراق وكل البلد منذ حرب 1991، وطوال عشر سنوات، حين تهاجم الطائرات وبلا هوادة شعب العراق يوميا تقتل عشوائيا ما تدّعيه اهدافا عسكرية، اذن هل انت معي، بأن المسألة لم تبدأ مع «أبوغريب» حتى يكون الحديث جائزا عن الصدمة والمفاجأة؟ـ ليس هناك شكّ في ان ذلك يؤثر على الجنود... ففي العراق اناس يدافعون عن بلدهم... والطائرات نعلم انها تمارس القتل العشوائي في مناطق مدنية حيث تشاهد مئات القتلى... ان هذا الامر يعني الحكومة التي ارسلتهم كسلطة سياسية.فلماذا هذا الكيل بمكيالين، عندما يُقتل امريكي على ايدي المقاومة يصبح في الامر جريمة وحينما يمارس الجندي الامريكي بشهادته القتل الجماعي والعشوائي تصبح حوادث معزولة هذا ان فضح امرها.. في الصحافة... والا فلا جرائم ولا فظاعات ويتحول الاحتلال الى جلاّب ديمقراطية كما يدعون.ان قانون حماية الجنود الامريكيين من المحاكمة الاجنبية يؤثر على جنود الاحتلال ويصبح القتل والفظاعة امرا عاديا... فهذه معطيات مشجعة له وهي تتراكم في مخيلة الجندي الامريكي وهو يحاول ان ينفّذ كل اصناف الممنوع والاجرام ضد المدنيين والمسلحين على حد سواء.**أسأل الآن رجل التجربة الطويلة في فن القتال، أليس للحرب ضوابط ونواميس، لماذا تضرب امريكا عرض الحائط بالقانون الدولي الانساني... الى اين يذهب العالم بهذه الطريقة؟ـ ان القتل العشوائي لم نعرفه الا عندما دخلت الولايات المتحدة الامريكية الحروب العالمية او الاقليمية. تاريخ امريكا العسكري ليس ناصعا... بل هو أسود.. فعندما دخلت واشنطن الحرب العالمية الثانية، كان آخر فعل مشين في الحرب قد نفذته الآلة الامريكية العسكرية حين رمت «ناغازاكي» و»هيروشيما» بالنووي وكانت الحرب في آخر أيامها بل انها تقريبا حسمت لفائدة الحلفاء... فهذان مدينتان لا علاقة لهما بالحرب، وراح ضحية النووي الامريكي ملايين من البشر في اليابان.. وقتلت الآلة الامريكية ملايين الفيتناميين، وكذلك في حرب كوريا قتلت عشرات المئات بل الملايين وكلها كانت حروبا جوية في جانب واحد... المدني اصبح في العراق مستهدفا... فهو الذي يمدّ العسكري بالسلاح اذن اصبح قتلهم شريعة امريكية. ان الطائرة الحربية التي تنفث سمومها لا تستهدف واحدا فتقتله بل تقتل المئات والآلاف عشوائيا دون تفرقة.اعتقد ان الذي حدث فظاعة وفضيحة ستجعل الدول الاوروبية تتحرك لإعادة النظر في اتفاقيات جنيف وحماية المدنيين زمن الحرب وزمن الاحتلال.فما حصل في العراق الآن على ايدي الامريكان يمكن ان يتكرر في دول عربية أخرى. لذلك على العالم ان يتحرك وعلى العرب ان يعوا الحقائق الجديدة..**لو تقف الآن على مدرّج اكاديمية عسكرية تدرّس طلابا في الحربية والعسكرية، وبين ظهرانيك كل هذه الصور الفظيعة كخلفية لعملك، ما عساك تقول لطلابك؟ـ نحن طبعا في البلاد العربية ووفق تعاليم ديننا الحنيف، واخلاقيات المهنة العسكرية يقتصر القتال على من يحمل السلاح... نحن لا نقتل راهبا في كنيسته ولا شيخا ولا امرأة ولا طفلا... ولا مديرا... عندنا حدود فاصلة لكن المأساة ان ليس لدى امريكا خطوط فاصلة بين ما هو مشروع وما هو محرّم... فاذا كان الامريكيون يعتبرون شارون المجرم مدافعا عن النفس... اعتقد ان لا تقاطع في خطابنا وخطابهم... لكن للاسف العرب لا يقدرون على نقد امريكا حتى مجرد النقد..فأمريكا تروّج انها تدافع عن نفسها ضد الارهاب، وتقتل عشرات الآلاف انه منطق معكوس.**اسأل الفريق سعد الدين الشاذلي عن منظمات حقوق الانسان في هذه القضية، لماذا تخلفوا بدرجة عن «سي.بي.آس»؟ـ هذه منظمات تعمل وفق امكانياتها هي جمعيات، ولكن استطيع ان اقول انها افضل اداء من انظمة عربية عديدة.**لكن هذه المنظمات كانت على علم بالفظاعات والجرائم، داخل «أبو غريب» لكن لم يبادر احدهم الى عقد ندوة صحفية مثلا وفضح تلك الممارسات؟ـ لقد كشفت هذه المنظمات انها قدّمت «لبريمر» وللإدارة الامريكية هذه التقارير ونبهوهم، لكن هذه المنظمات لم تكن لديها صورا ولا فيديو تصوّر ما بالداخل ولولا ان ضمير بعض الامريكيين مازال حيا وتحرّك ليضع الحقيقة بين ايدي الصحافة لما امكن التفطن الى هذه الجرائم.لكن اقول لك شيئا: علينا ان نتعلّم ان نلوم انفسنا قبل لوم الآخرين. فهي منظمات لها حدود قانونية وليس لها ان تفرض حلولا... وهي شماعة الأنظمة العربية... في هذا المجال..لقد ضربت لك مثلا عن صدام، لما اربعة من جنوده فعلوا ما فعلوا من سطو في الكويت حوسبوا واعدموا... لكن الدور الآن في انتظار بوش.. سنرى ماذا سيفعل..مع الاشارة الى ان تلك الجرائم والفظاعات لا يمكن ان يأتيها ستّة جنود فقط... فهذه جرائم وتتوفر فيها اركان جريمة الحرب... لكن المحصلة لا انتظر شيئا من امريا فكل شيء جائز معها، الا ان تحزم امتعتها وتخرج من العراق هذا ما لا نتوقعه..ان امريكا الآن في موقف محرج...وبالنسبة لمحاكمة صدام.. هي عاجزة الآن عن اثبات اي شيء... فليس هناك محكمة مؤهلة لمحاكمته... هذه قضية شائكة ولا ارى كيف ستتعامل معها واشنطن في ضوء هذه المستجدات والفضائح.. فالولايات المتحدة الامريكية هي الآن في مأزق..

ليست هناك تعليقات: