Google http://yoursite.com; AWFID:0ed5b59d9c9a0ed3;">

الثلاثاء، 24 يونيو 2008

لماذا قبلت إسرائيل بالتهدئة مع حماس؟


يثير قبول إسرائيل بالتهدئة مع حركة المقاومة الإسلامية حماس والتي دخلت حيز التنفيذ صباح الخميس الماضي تساؤلات عديدة، من أهمها: لماذا قبلت إسرائيل بالتهدئة في هذا الوقت تحديدا بعدما يقرب من عام ونصف من الحصار والتجويع للفلسطينيين في غزة وهجمات شبه يومية قتلت وأصابت خلالها المئات من الفلسطينيين؟ بعض المراقبين يعيدون الأمر إلى المشاكل الكثيرة التي يواجهها رئيس الوزراء الإسرائيلي يهود أولمرت، سواء ما يتعلق بتهم الفساد أو ترتيبات حزبه للبحث عن بديل له أو المشكلات الداخلية في الحكومة، وأنه يريد صرف الأنظار عما يواجهه من مخاطر يمكن أن تودي بمستقبله السياسي، بينما يرى آخرون أن الضغوط الدولية على إسرائيل قد أتت أكلها، وأنه ليس أمامها سوى أن تقبل بهدنة حتى نهاية العام لتمكين حلفائها من اليمين الأمريكي على التركيز في الانتخابات الرئاسية القادمة والمقررة في نوفمبر القادم، أو تأمين جبهة غزة حال قيام إسرائيل بشن هجوم خاطف على إيران بترتيب مع الولايات المتحدة كما تشير كثير من التقارير الصحفية، كل ذلك وغيره قد يكون من الأسباب التي يمكن اعتبارها أسبابا موضوعية لفهم أبعاد قبول إسرائيل بالهدنة، لكن هناك سبب آخر هو الأكثر تعقيدا وربما يكون هو السبب الرئيسي الذي أجبر إسرائيل على القبول بالتهدئة، السبب يتعلق بمسيرة التسوية برمتها وبالسلطة الفلسطينية التي أضفى عليها المجتمع الدولي المشروعية لتمثيل الشعب الفلسطيني، فرئيس السلطة محمود عباس سوف تنتهي رئاسته نهاية العام الجاري، ولأن رئيس السلطة اكتسب شرعيته من انتخابات جرت في الضفة الغربية وغزة، فإنه في ظل الوضع القائم في غزة الآن من المستحيل عقد هذه الانتخابات، وإذا عقدت فإنه من الصعب على عباس أو أي مرشح آخر للسلطة أن ينال الأصوات التي يمكن أن تمنحه تلك الشرعية التي يستطيع من خلالها أن يجلس إلى الطاولة التي يجلس إليها الإسرائيليون والأمريكيون ليواصل مسيرة التسوية، وهناك مشروع قدمته إسرائيل وتدعمه الولايات المتحدة حول التسوية النهائية لكل الملفات العالقة وعلى رأسها اللاجئون والقدس، وهناك عشرات الاجتماعات السرية التي عقدت بين الفلسطينيين الذين يمثلهم عراب أوسلو أحمد قريع أبو العلاء وبين الإسرائيليين، ولا يعلم أحد حتى الآن ما الذي يجري في هذه المفاوضات، غير أن مشروعات مثل تبادل الأراضي واختزال القدس في المسجد الأقصى، وتعويضات وتجنيس للاجئين في أماكن إقاماتهم هي قيد البحث والتداول، لكن يتم البحث عن إطار قانوني وتعاون دولي وإقليمي لإقرارها، في ظل هذه الصورة لا يمكن التقدم خطوة واحدة إلى الأمام وقطاع غزة محاصر وشعبها يعاني، فعمل هدنة تديرها إسرائيل بالشكل الذي يتراءى لها، وكسر حدة الصراع بين فتح وحماس لعدة أشهر لتمرير الانتخابات والمشروعات الأخرى في ظل هدنة مع حماس ربما يكون أسهل من صراع معها، وبالتالي فإن الهدنة هي محاولة لتليين موقف حماس بالدرجة الأولى أو على الأقل كسر حدة معارضتها وإشراكها في الانتخابات الرئاسية القادمة، وطلب مساعدتها على ترتيبها في غزة، سواء تحت رعاية إقليمية أو عربية، كما أن الاقتراح المقدم بإرسال قوات عربية إلى غزة يدخل في نفس الإطار ألا تكون لحركة حماس الهيمنة الكاملة على القطاع، من ناحية حماس ليس بعيدا عنها فهم تعقيدات المشكلة والظروف التي دفعت إسرائيل إلى قبول الهدنة، وهذا يفسر سر تعنت حماس في قبول بعض الشروط، بل وفرضها لشروط قبل بها الإسرائيليون، لأنهم أيضا بحاجة إلى الهدنة مثلما حماس بحاجة إليها، لذلك فإن حماس تحاول قدر الإمكان الاستفادة من تلك الظروف، فالوضع في غزة أصبح سيئا للغاية، ولابد من هدنة يتنفس الناس فيها الصعداء، وليس بالضرورة أن الخطط التي تضعها إسرائيل أو ترتب لتنفيذها يمكن أن تنفذها، فمنذ ستين عاما وإسرائيل تضع الخطط لكن العوائق التي أمامها للتنفيذ لا حدود لها، وكما ناورت حماس في قبول الهدنة يمكن أن تناور في أي مشروعات أخرى يمكن أن تطرح عليها، لكن الهدنة تبقى هشة ومتعلقة بالظروف والتطورات التي يمكن أن تحدث في المنطقة، لكن فهم أبعادها ووضعها في إطارها الصحيح يجعلنا ندرك أبعاد كل ما يمكن أن يطرأ عليها مستقبلا، ولعل الشهور الستة القادمة تتكشف فيها كثير من الأمور التي تعطي المزيد من المعلومات عن سر قبول إسرائيل بالتهدئة.

ليست هناك تعليقات: