الدكتور / إسماعيل عبد الرحمن
طالعتنا وسائل الإعلام منذ أيام بقيام أحد رجالات الشيعة ( ياسر الحبيب ) بسب أبي بكر وعمر والسيدة عائشة والسيدة حفصة رضي الله تعالى عن الجميع ، وهذا أمر ليس مستغربا على تلك الفرقة التي ابتلى الله تعالى بها الأمة الإسلامية في حقدها الدفين لجمهور الصحابة ومخالفتهم لصريح النصوص الشرعية في الكتاب والسنة ، وواجبنا نحو هذا وأمثاله أن نرد عليهم بالحجج الدامغة والبراهين الساطعة التي تبين ضلال فكرهم وخسران سعيهم وفي نفس الوقت نحصن أنفسنا بزيادة محبتنا للصحابة الكرام وآل البيت وأمهات المؤمنين رضي الله تعالى عن الجميع فنقول وبالله التوفيق أن سب السيدة عائشة رضي الله عنها دائر بين درجتين من التجريم الأولى من أنه أكبر الكبائر والثانية الكفر .
أما الدرجة الأولى لتجريم من سب السيدة عائشة رضي الله عنها وغيرها من زوجات النبي صلى الله عليه وسلم فدليله قوله تعالى : " النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم ...الآية " ( سورة الأحزاب من الآية 6) وهذا تشريف من الله عزوجل لأزواج النبي صلى الله عليه وسلم بأن جعلهن أمهات المؤمنين أي في وجوب التعظيم والمبرة والإجلال وحرمة النكاح على الرجال ، وحيث إن الله تعالى جعل أزواج النبي صلى الله عليه وسلم أمهات لنا فإنه يحرم على المسلم أن يشتم أو يسب أو يلعن واحدة منهن ومن فعل ذلك كان مرتكبا لكبيرة من أكبر الكبائر ففي الحديث الصحيح :" إن من الكبائر شتم الرجل والديه ، قالوا : يا رسول الله وهل يشتم الرجل والديه ؟ قال : نعم يسب أبا الرجل فيسب أباه ويسب أمه فيسب أمه " .(متفق عليه )
وفي رواية : " إن من أكبر الكبائر أن يلعن الرجل والديه ، قيل : يا رسول الله فكيف يلعن الرجل والديه ؟ قال : يسب أبا الرجل فيسب أباه ويسب أمه فيسب أمه " .(أخرجه البخاري )
ومما تقدم يتضح أن التسبب في سب أو شتم أو لعن الوالدين أو أحدهما يعد من أكبر الذنوب والكبائر فما بالك بمن سبهما أو أحدهما مباشرة فإن جرمه يكون أشد وأعظم .
وبناء على هذه الأدلة والنصوص الصحيحة والصريحة يصبح من سب السيدة عائشة رضي الله عنها أو غيرها من أمهات المؤمنين ( زوجات النبي صلى الله عليه وسلم ) مجرما وعاصيا ومرتكبا لكبيرة من أكبر الكبائر بشرط أن لا يتهمها رضي الله عنها بالكفر أو بالفاحشة فإن هذا القاذف يصبح حينئذ كافرا وخارجا عن ملة الإسلام .
وهذه هي الدرجة الثانية والأعلى في تجريم من سب السيدة عائشة رضي الله عنها ودليله قوله تعالى : " إن الذين جاءوا بالإفك عصبة منكم لا تحسبوه شرا لكم بل هو خير لكم لكل امرئ منهم ما اكتسب من الإثم والذي تولى كبره منهم له عذاب عظيم " ( سورة النور الآية 11 ) وهذه الآية وما بعدها صريحة في براءة السيدة عائشة رضي الله عنها كما أنها تضمنت تحذيرا إلهيا لكل مسلم أن يعود لمثل هذه الإفك أو يردده فقال تعالى : " يعظكم الله أن تعودوا لمثله أبدا إن كنتم مؤمنين " ( سورة النور الآية 17 ) وفيها دليل صريح على أن من عاد في قذف السيدة عائشة رضي الله عنها بعد نزول هذه الآيات لا يكون مؤمنا وإنما هو خارج عن ملة الإسلام لهذا السبب والسبب الآخر أنه أنكر هذه البراءة القرآنية ومن أنكر حرفا من القرآن فهو كافر وفي ذلك يقول الإمام مالك رضي الله عنه : من سب أبا بكر وعمر رضي الله عنهما أدب ومن سب عائشة رضي الله عنها قتل لأن الله تعالى يقول : " يعظكم الله أن تعودوا لمثله أبدا إن كنتم مؤمنين" فمن سب عائشة رضي الله عنها فقد خالف القرآن ومن خالف القرآن قتل .
وقال ابن كثير رحمه الله : وقد أجمع العلماء رحمهم الله قاطبة على أن من سبها بعد هذا ورماها بما رماها به بعد هذا الذي ذكر في الآية فإنه كافر لأنه معاند للقرآن .
هذا هو حكم الشرع في ياسر الحبيب الشيعي وغيره من الشيعة الذين يسبون الصحابة رضي الله عنهم وخاصة السيدة عائشة رضي الله عنها فهو دائر بين جريمتين في الإسلام أقلهما أنه مرتكب لكبيرة من أكبر الكبائر وأعظمهما الخروج من الملة من الدين ولا مفر أمام أمثال هؤلاء إلا التوبة والرجوع إلى الحق وتصديق كلام الله عز وجل وتوقير أمهات المؤمنين رضي الله تعالى عنهن وكذا الصحابة الكرام رضي الله عنهم وإلا حلت عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين وبرئت منهم ذمة الإسلام والمسلمين .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق