Google http://yoursite.com; AWFID:0ed5b59d9c9a0ed3;">

الأحد، 11 أكتوبر 2009

محامي الشيطان الرّجيم

«الوطنية موبايل» ليست برنامجا سياسيا يهدف إلى تحريك المياه الراكدة للملف الفلسطيني، وليست اتفاقية سلام مدسوسة تنضاف إلى اتفاقيات مدريد وأوسلو وكامب ديفيد وأنّا بوليس واللائحة مفتوحة... «الوطنية موبايل» مجرد شركة اتصالات فلسطينية الاسم، إسرائيلية الهوى، ستعمل خلال الأيام القادمة على تسويق «المحمول» داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة في إطار «مونتاج» استثماري، قالوا إن ولد الرئيس محمود عباس يملك فيه حصة الأسد.لكن إسرائيل، التي تملك ماء وكهرباء وموجات البث الهاتفي في الأرض الفلسطينية، اشترطت على «رأس السلطة»، لكي تُمتع ابن الرئيس المدلل بهذه الصفقة، أن يتحول إلى «محامي الشيطان الرّجيم»، يقي إسرائيل وكيانها الصهيوني المجرم والمُغْتصب من الضربات الموجعة التي كانت ستتلقاها في إطار مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف. وكذلك كان؛ فقد طالبت الرئاسة الفلسطينية -حسب قول ممثل فلسطين- بسحب ملف محاكمة الكيان الإسرائيلي عالميا كمجرم حرب ومجرم ضدّ الإنسانية على خلفية محرقة ومجازر غزة.
أصدقاء إسرائيل وخصومها اندهشوا لانتصاب الضحية مُدافعة عن ملف الجلاّد الإسرائيلي المجرم، ولم يصدق المندوب البريطاني في مجلس حقوق الإنسان بجنيف ما عاينه من مواقف قد لا يهضمها المنطق السياسي، وقال إن السلطة الفلسطينية أنقذت إسرائيل من إدانة كانت، على الأقل، ستؤزمها على المستوى الأخلاقي، كما سبق أن أزمتها عالميا حين أقرت منظمة الأمم المتحدة بأنها دولة عنصرية، وكما حدث في «دوربان» بجنوب إفريقيا حيث تلقى الصهاينة صفعة عالمية لم تنجح، مع ذلك، في إيقاظ ضميرهم الميت.
رغم كل ماضي بلاده الاستعماري، لم يتمكن المندوب البريطاني من فك لغز دفاع «قيادة» الشعب الفلسطيني عن جلادي هذا الأخير.. شيء لا يصدق، شيء محزن ومخز ومرفوض، أمر مذهل أن يتم اختزال اسم فلسطين، التي كانت مرشحة لتكون «واحة الديمقراطية» في الصحراء الاستبدادية العربية، في شركة اتصالات تحمل اسما أُفرغ من فحواه وجوهره. كيف، إذن، يمكن اختزال كفاح أكثر من نصف قرن في «لعبة» تجميد المستوطنات وفي شركة إسرائيلية يتم تفويتها إلى أبناء «قادة» فلسطين؟
لا جديد، إذن، تحت سماء عرب اليوم. فقد وَرَّثُوا «جمهورياتهم الملكية» لأبنائهم بل فوتوا شعوبهم وخوصصوا أوطانهم.
إنه وضع استثنائي أصبح عاما من المحيط إلى الخليج؛ فالأوطان تحولت إلى مجرد شركات مجهولة الاسم والهوية يرثها الأنجال والأبناء والأحفاد ويستثمرون في هموم شعوبها. فلسطين الرسمية وقعت على أشكالها العربية كما الطيور تقع على أمثالها: شركة مجهولة تبيض ذهبا.
أما آن الأوان لكي تترجل السلطة الفلسطينية عن حصان التنازلات العبثية بعد أن تحولت سلسلة «التوافقات» إلى سوط تجلد به إسرائيل ظهر هذه السلطة. ورغم كل هذا، واصلت «القيادة» الفلسطينية» تقديم الهدايا إلى الكيان الصهيوني حين تراجعت -باسم الفلسطينيين ودون استشارتهم- عن طلبها أن تتبنى الأمم المتحدة تقرير لجنة تقصي الحقائق التي يرأسها القاضي غولدستون (حوّلها البعض إلى لجنة إقصاء الحقائق) الذي أثبت بالحجة والدليل القاطع -إذا ما كان الأمر يحتاج إلى حجة ودليل يقنع العميان قبل المبصرين- أن إسرائيل ارتكبت جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في حرب الإبادة التي تشنها منذ 60 عاما ضد الشعب الفلسطيني، وآخرها في غزة؛ وستقترف إسرائيل مجازر أخرى لأنها فوق القانون. لم يكن من شأن المصادقة على التقرير المذكور وخلاصات اللجنة، التي يرأسها خبير قوانين الحروب ريتشارد غولدستون، أن تنهي عقودا من الاحتلال الإسرائيلي لأرض فلسطين.
لكن مجرد عرضه ومناقشته من قبل ما يسمى بـ«المجتمع الدولي» كان سيحقق انتصارا رمزيا لقضية شعب أعزل في مواجهة آلة الجبروت الصهيوني المدعومة من طرف الغرب، وعلى رأسه أمريكا، عوض منحها شيكا فلسطينيا على بياض من أجل شن حروب إبادة جديدة. ahmed senoussi

ليست هناك تعليقات: